الخصوصية والأمان في عصر الذكاء الإصطناعي

كتب بواسطة: صالح فخار
الزيارات: 41

الخصوصية والأمان في عصر الذكاء الإصطناعي.

 

    في عصر التكنولوجيا الحديثة، أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. بداية من التطبيقات الذكية على هواتفنا مرورا بالتطبيقات المساعدة على أداء مهامنا وصولا إلى الأنظمة المعقدة التي تدير البنية التحتية للمدن، يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا حيويًا في تحسين الكفاءة والتوجيه وإقتراح حلول مبتكرة . ومع كل تطبيق وجب علينا قبول بروتوكولات إستخدام تتعلق بسلامة وأمان معلوماتنا الشخصية ضمن مجموعة  تعاريف وتوصيات مجمولة في العديد من الصفحات لا يطلع 99% على محتواها . فهل كل  بياناتنا محفوظة وآمنة .

  • البيانات الضخمة والمخاطر المتوقعة .

   تعتمد أنظمة الخصوصية على تحليل بيانات شخصية متنوعة لتحسين عملياتها. تشمل هذه البيانات مجموعة واسعة من المعلومات الحساسة:

  • المعلومات الديموغرافية: تتضمن الاسم والعمر والجنس والعنوان والحالة الاجتماعية والتعليمية، وتُستخدم لتصنيف المستخدمين ضمن فئات محددة تسمح للخوارزميات بتقديم توصيات أكثر دقة.
  • البيانات المالية والمصرفية: تشمل تفاصيل الحسابات البنكية، وسجلات بطاقات الائتمان، وعمليات الشراء والدفع، وتاريخ المعاملات المالية التي تستخدم في تقييم الجدارة الائتمانية واكتشاف الاحتيال.
  • السجلات الطبية والصحية: تتضمن التاريخ الطبي، والتشخيصات، ونتائج الفحوصات، ومعلومات عن الأدوية والعلاجات، والتي تُستخدم في التطبيقات الصحية والتنبؤ بالمخاطر الصحية.
  • أنماط الاستهلاك والتصفح: تسجل عادات التسوق، وتفضيلات المحتوى، وسلوك التصفح عبر الأنترنات، والكلمات المفتاحية المستخدمة في البحث، لتحسين استراتيجيات التسويق المستهدف.
  • المواقع الجغرافية وبيانات التنقل: تتبع تحركات المستخدمين، والأماكن التي يزورونها، ومدة بقائهم فيها، وتوقيت زياراتهم، مما يسمح بتقديم توصيات مخصصة حسب الموقع.

وهذا الكم من المعلومات معرض لتهديدات أهمها :

  • الاحتيال الإلكتروني: يستغل المحتالون البيانات المسربة في تنفيذ عمليات احتيالية معقدة تستهدف ضحايا محددين بناءً على المعلومات المتاحة عنهم.
  • سرقة الهوية: تُستخدم البيانات الشخصية المسروقة لانتحال هوية الضحايا وفتح حسابات مالية أو إجراء معاملات باسمهم، مما يسبب أضرارًا مالية  كبيرة وقانونية وحتى أمنية خطيرة.
  • الاستهداف الإعلاني غير المرغوب: تُحلل البيانات السلوكية لإنشاء ملفات تعريف دقيقة للمستخدمين، تُستخدم في استهدافهم بإعلانات قد تكون متطفلة أو غير مرغوبة.
  • المراقبة غير القانونية: تُجمع البيانات الشخصية بطرق قد تنتهك قوانين الخصوصية، مما يسمح بمراقبة الأفراد دون علمهم أو موافقتهم الصريحة.
  • نماذج الخصوصية وقوانين الذكاء الاصطناعي

 

مع التقدم التقني والتكنولوجي للذكاء الإصطناعي  برزت ساحة جديدة للمنافسة والصراع وبسط السيادة  بين الدول الكبرى وخاصة بين الصين والولايات المتحدة لدرجة فرض عقوبات إقتصادية على منتجات معينة من أجل الحد من هذا التقدم وكبح تقدم المتنافسين بينهم .ومن بين ساحات الحرب الباردة نجد نقطة الخصوصية وأمن المعلومات فظهرت نماذج متعلقة بكل قطب وسنذكر أهمها وخصوصياتها:

  • النموذج الصيني: السيادة الرقمية للدولة

تعمد الصين على فلسفتها التنظيمية على مركزية الدولة في إدارة الفضاء الرقمي، وهذ أمر ليس بجديد فالصين منذ بداية دخولها للإنترنت في 1998 تبنت نظام الحائط الناري للرقابة على الإنترنت، من هذا المنطلق تنظر الصين إلى البيانات كأصل إستراتيجي يجب أن يخضع للسيطرة الحكومية.

  وقد أصدرت عدة قوانين خلال الفترة من 2021 إلى 2024، فقد سنت قانون حماية البيانات الشخصية عام 2021، وتبِعته بحزمة من القوانين واللوائح التنظيمية خلال الفترة من 2022 إلى 2024 لتنظيم عمل الذكاء الاصطناعي. وتهدف هذه التشريعات إلى تنظيم استخدام البيانات بشكل يوازن بين حماية الأفراد وتعزيز "أمن الدولة" و"المصلحة العامة". في هذا النموذج، تُغلّب الدولة أولوية الأمن القومي والاستقرار الاجتماعي على الخصوصية الفردية.

 

  • النموذج الأميركي: التشريعات اللامركزية والمقاربات القطاعية

في الولايات المتحدة، ورغم كونها مركزا عالميا لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، وكونها موطنا لأكبر شركات الذكاء الاصطناعي مثل  Open AI  وقوقل وميتا ، فإنها تعتمد نهجا غير مركزي في تنظيم الخصوصية، فلا يوجد حتى الآن قانون فدرالي شامل لحماية الخصوصية أو تنظيم الذكاء الاصطناعي.

          تتمثل فلسفة قوانين الخصوصية أو الذكاء الاصطناعي علي المستوي الفدرالي أو الولايات في حماية البيانات من منظور              

         تجاري واستهلاكي فقط بدون التعامل معه كحق أساسي من حقوق الإنسان، وعدم وجود قانون فدرالي للخصوصية أو للذكاء  

        الاصطناعي يحدّ من قدرة الولايات المتحدة على لعب دور قيادي في وضع المعايير العالمية للخصوصية، رغم تفوقها التقني

        ولعبه الدور الأكثر تأثيرا علي مستوي العالم في قيادة وتطوير الذكاء الاصطناعي حتي هذه اللحظة.

  • النموذج الأوروبي: الخصوصية حق من حقوق الإنسان

يتبنى الاتحاد الأوروبي نموذجا قيميا يُجسّده في "اللائحة العامة لحماية البيانات" (GDPR) التي دخلت حيز التنفيذ عام 2018. ويركّز هذا النموذج على ضمان حقوق الأفراد في التحكم ببياناتهم، ويُلزم الشركات بالشفافية والمساءلة، ويمنح المستخدمين أدوات قانونية للموافقة أو الاعتراض على استخدام بياناتهم. ويوفر آليات مثل الحق في الحذف والموافقة المسبقة على جمع البيانات.

يعكس هذا النموذج فلسفة "الحوكمة الأخلاقية للذكاء الاصطناعي"، وهو ما تسعى دول عديدة إلى تبنيه كنموذج معياري عالمي.

  • النماذج في الدول العربية : قوانين موجودة..ولكن

تملك معظم الدول العربية قوانين خاصة بالبيانات الشخصية للمواطنين، منها ما هو قديم، وما هو مستحدث، ولكن يؤخذ على هذه القوانين (على أهمية وجودها) أنها مليئة بالثغرات والعقبات التي تمنعها من تأمين حماية حقيقية للمعطيات الخاصة .أما في دول الصراع ( السودان ، اليمن،..) فالمعلومات ليست أولوية.

  • مقترحات لحماية الخصوصية في عصر الذكاء الاصطناعي.

بناء على ما مضى يظهر جليا أهمية المعلومات الخصوصية لكل الأفراد والشركات وعليه يجب إتباع خطوات عملية ووقائية من أجل حماية معلوماتنا من البرامج الخبيثة وقراصنة المعلومات .

فعلى مستوى المؤسسات والشركات  يجب تبني استراتيجية واضحة للتعامل مع البيانات الشخصية:

  • جمع الحد الأدنى الضروري:يجب حصر جمع البيانات فيما هو ضروري فعليًا لتشغيل الخدمة أو المنتج، وتجنب جمع معلومات “احتياطية” قد تفيد في المستقبل. يتطلب هذا النهج تحليلًا دقيقًا لمتطلبات البيانات وتعديل عمليات الجمع باستمرار.
  • تحديد فترات الاحتفاظ بالبيانات:يجب وضع سياسات واضحة لمدة الاحتفاظ بكل نوع من البيانات استنادًا إلى الضرورة القانونية والتشغيلية، مع مراجعة هذه السياسات دوريًا للتأكد من مواكبتها للتغيرات في المتطلبات.
  • الحذف الآمن للبيانات غير الضرورية:تطوير آليات للتخلص الآمن من البيانات التي لم تعد هناك حاجة إليها، مع التأكد من أن الحذف نهائي ولا يترك آثارًا يمكن استعادتها.
  • تقييد الوصول إلى البيانات:تطبيق مبدأ “الحاجة إلى المعرفة” في الوصول إلى البيانات الشخصية، بحيث لا يتمكن إلا الموظفون المصرح لهم من الوصول إلى المعلومات الضرورية لأداء مهامهم، مع تطبيق مستويات متعددة من التحقق والتشفير.

أما على مستوى الأفراد فيجب مراجعة وتعديل إعدادات الخصوصية في التطبيقات والخدمات التي يستخدمونها.ويمكن ذلك من خلال:

  • تعطيل تتبع الموقع: إذا لم يكن ضروريًا، يمكن تعطيل تتبع الموقع في التطبيقات.
  • إدارة الأذونات: مراجعة الموافقات التي تمنحها للتطبيقات والتأكد من أنها تتوافق مع احتياجاتك.
  • استخدام وضع التصفح الخاص: عند الحاجة، يمكن استخدام وضع التصفح الخاص لحماية الخصوصية أثناء التصفح.
  • التحقق من المصادر : عند استخدام تطبيقات أو خدمات جديدة، يجب التحقق من مصادرها ومراجعات المستخدمين. يمكن أن يساعد ذلك في تجنب التطبيقات الخبيثة أو غير الموثوقة التي قد تشكل خطرًا على البيانات الشخصية.
  • التحديثات الدورية :يجب الحرص على تحديث جميع البرامج والتطبيقات بانتظام. التحديثات غالبًا ما تتضمن إصلاحات للأمان وتحسينات للحماية من الثغرات الأمنية.
  • الحذر من الروابط والملفات المشبوهة :يجب توخي الحذر عند التعامل مع الروابط والملفات غير المعروفة. يمكن أن تكون هذه الروابط والملفات وسيلة لنشر البرمجيات الخبيثة أو سرقة البيانات.
  • استخدام التحقق بخطوتين (Two-Factor Authentication) يضيف طبقة إضافية من الأمان للحسابات. يتطلب هذا الإجراء إدخال رمز إضافي يتم إرساله إلى الهاتف المحمول أو البريد الإلكتروني عند تسجيل الدخول.

وكخلاصة يمكن القول أن معلوماتنا الشخصية كنز للطثير من البرامج الخبيثة وقراصنة المعلومات فلا يمكن أن نترك أسرارنا وكنوزنا في أيد غير آمنة قد تسبب لنا خسائر مادية ومعنوية وقد تجرنا لمشاكل قانونية وقضائية نحن في غنى عنها.

 

 

المصدر: مواقع إلكترونية

أضف تعليق


كود امني
تحديث